المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

قانون حماية المستهلك في سلطنة عُمان: دور الخبراء في تحقيق العدالة والإنصاف

 

مقدمة

شهدت سلطنة عُمان خلال السنوات الماضية تطورًا ملحوظًا في الإطار القانوني والتنظيمي الخاص بحماية المستهلك، إيمانًا من القيادة بأهمية صون حقوق الأفراد وضمان عدالة التعاملات التجارية. وتعتبر هيئة حماية المستهلك في السلطنة الجهة المعنية بتلقي شكاوى المستهلكين والبت فيها، ساعية لتحقيق التوازن بين مصالح المستهلكين ومقدمي الخدمات والسلع. ومن أبرز الآليات التي تتبعها الهيئة لضمان تحقيق العدالة وتقديم رأي فني متخصص، الاستعانة بالخبراء في القضايا التي تتطلب معرفة متعمقة، وذلك قبل إحالة الشكوى إلى الادعاء العام. هذا الإجراء يعكس قوة قانون حماية المستهلك العُماني وقدرته على التكيف مع تعقيدات السوق.


 

 

الإطار القانوني لحماية المستهلك في عُمان

 

تستند حماية المستهلك في سلطنة عُمان إلى المرسوم السلطاني رقم (66/2014) بإصدار قانون حماية المستهلك العُماني، والذي يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المستهلكين والموردين، وتحديد حقوق المستهلكين وواجبات الموردين، وتوفير آليات فعالة لمعالجة الشكاوى. هذا القانون، إلى جانب اللوائح التنفيذية والقرارات الصادرة عن هيئة حماية المستهلك، يشكل مظلة قانونية شاملة تضمن للمستهلكين الحصول على منتجات وخدمات آمنة وذات جودة عالية، وتوفير المعلومات اللازمة لهم، وحمايتهم من الممارسات التجارية غير العادلة أو الخادعة. إنه تجسيد حقيقي لروح قانون حماية المستهلك العُماني.

تتلقى هيئة حماية المستهلك يوميًا عددًا كبيرًا من الشكاوى التي تتنوع بين عيوب السلع، تدني جودة الخدمات، المغالاة في الأسعار، وعدم الالتزام بضمانات ما بعد البيع. وتقوم الهيئة بجهود حثيثة للتحقيق في هذه الشكاوى ومحاولة التوصل إلى حلول ودية بين الأطراف المتنازعة، وهو ما يوفر الوقت والجهد ويخفف العبء على الجهاز القضائي. كل هذا يتم في إطار صلاحيات قانون حماية المستهلك العُماني.


 

دور الخبير المتخصص في الفصل في الشكاوى الفنية

 

في بعض الأحيان، تكون شكوى المستهلك ذات طابع فني أو تقني يتطلب معرفة متخصصة لا تتوفر بالضرورة لدى محققي هيئة حماية المستهلك. هنا يبرز الدور المحوري للخبير المتخصص. فمثلاً، إذا كانت الشكوى تتعلق بعيوب ميكانيكية في سيارة جديدة أو مستعملة، أو مشاكل فنية معقدة في الأجهزة الإلكترونية، أو حتى عيوب إنشائية في مبنى حديث الإنشاء، فإن الهيئة تقوم بندب خبير فني متخصص في المجال ذي الصلة. هذا الدعم الفني هو ميزة إضافية يوفرها قانون حماية المستهلك العُماني.

الخبير في هذه الحالات ليس مجرد مستشار، بل هو بمثابة “المرجعية الفنية” التي تقدم رأيًا محايدًا ومبنيًا على أسس علمية ومهنية. يقوم الخبير بفحص السلعة أو الخدمة محل الشكوى بدقة، ويجري الاختبارات اللازمة، ويجمع الأدلة الفنية، ثم يقدم تقريرًا مفصلاً يتضمن نتائج فحصه ورأيه الفني حول وجود العيب من عدمه، وسببه، ومدى تأثيره. إنها خطوة أساسية لضمان العدالة بموجب قانون حماية المستهلك العُماني.

على سبيل المثال، في شكوى تتعلق بعطل متكرر في محرك سيارة، قد يقوم الخبير الميكانيكي بفحص السيارة، مراجعة سجلات الصيانة، إجراء اختبارات تشخيصية، ومن ثم تحديد ما إذا كان العطل ناتجًا عن عيب مصنعي، سوء استخدام، أو عدم كفاية الصيانة. وبناءً على تقرير الخبير، تتخذ هيئة حماية المستهلك قرارها بشأن أحقية المستهلك في التعويض أو الإصلاح أو الاستبدال، بما يتماشى مع أحكام قانون حماية المستهلك العُماني.


 

أهمية تقرير الخبير في مسار الشكوى

 

يُعد تقرير الخبير حجر الزاوية في الفصل في الشكاوى الفنية المعقدة، وذلك لعدة أسباب:

  1. الموثوقية والموضوعية: يضفي تقرير الخبير الفني الموضوعية والموثوقية على قرار الهيئة. فهو يعتمد على أسس علمية ومهنية، بعيدًا عن التحيزات الشخصية أو الادعاءات غير المدعومة بأدلة. هذا يعزز من تطبيق قانون حماية المستهلك العُماني.

  2. الفهم المتعمق للقضية: يساعد الخبير محققي الهيئة على فهم الجوانب الفنية المعقدة للشكوى، مما يمكنهم من اتخاذ قرار مستنير وعادل.

  3. تسريع عملية الفصل: بوجود رأي فني واضح من الخبير، يمكن لهيئة حماية المستهلك اتخاذ قرارها بسرعة أكبر، مما يقلل من زمن انتظار المستهلك لحل شكواه. هذا يخدم الأهداف الكبرى لـ قانون حماية المستهلك العُماني.

  4. تجنب الإحالة المبكرة للادعاء العام: في كثير من الحالات، يمكن لتقرير الخبير أن يقدم حلاً وديًا أو أن يوضح حقيقة الموقف، مما يجنب إحالة الشكوى إلى الادعاء العام، وبالتالي تخفيف العبء على الجهاز القضائي وتقديم حلول أسرع وأكثر مرونة.

  5. تحديد المسؤولية بدقة: يساعد تقرير الخبير في تحديد المسؤولية بشكل دقيق، سواء كانت تقع على عاتق المورد بسبب عيب في المنتج أو الخدمة، أو على المستهلك بسبب سوء الاستخدام. هذه الدقة هي ركيزة أساسية في قانون حماية المستهلك العُماني.


 

التحديات والاعتبارات في عملية الاستعانة بالخبراء

 

رغم الأهمية الكبيرة لدور الخبير، إلا أن هناك بعض التحديات والاعتبارات التي يجب أخذها في الحسبان:

  • توافر الخبراء المؤهلين: قد يكون التحدي في بعض الأحيان هو توافر خبراء متخصصين ومؤهلين في كافة المجالات المطلوبة، لا سيما في التخصصات النادرة أو الجديدة.

  • تكلفة الخبرة: قد تكون أتعاب الخبراء باهظة في بعض الأحيان، مما يطرح تساؤلاً حول الجهة التي يجب أن تتحمل هذه التكاليف، خاصة في الحالات التي يتبين فيها عدم صحة شكوى المستهلك. عادةً ما تتحمل الهيئة هذه التكاليف كجزء من إجراءات التحقيق، لكن هذا الجانب قد يتطلب مراجعة ضمن إطار قانون حماية المستهلك العُماني.

  • حيادية الخبير: يجب أن يضمن نظام اختيار الخبراء حياديتهم وعدم وجود أي تضارب في المصالح قد يؤثر على تقاريرهم. الثقة في نزاهة الخبير أمر بالغ الأهمية لضمان قبول تقريره من قبل جميع الأطراف.

  • زمن إعداد التقرير: قد تستغرق عملية الفحص وإعداد تقرير الخبير وقتًا، مما قد يؤخر البت في الشكوى. يجب العمل على تقليل هذا الزمن قدر الإمكان لضمان سرعة الإجراءات بما يتوافق مع سرعة تطبيق قانون حماية المستهلك العُماني.


 

أهمية الوعي الاستهلاكي ودور المستهلك

 

بقدر أهمية دور هيئة حماية المستهلك والخبراء، فإن وعي المستهلك بحقوقه وواجباته يلعب دورًا محوريًا في تعزيز منظومة الحماية. يجب على المستهلك أن يكون على دراية بالقوانين واللوائح، وأن يحتفظ بجميع الوثائق المتعلقة بالشراء (فواتير، ضمانات، عقود)، وأن يقوم بفحص السلعة أو الخدمة عند الاستلام. هذه ممارسات يدعمها ويشجع عليها قانون حماية المستهلك العُماني.

إن تقديم شكوى مدعومة بالوثائق والأدلة الواضحة يسهل كثيرًا من مهمة هيئة حماية المستهلك والخبراء في التحقيق والفصل فيها. كما أن الإبلاغ عن أي ممارسات تجارية غير عادلة أو مخادعة يساهم في حماية المجتمع ككل، وهو هدف رئيسي لـ قانون حماية المستهلك العُماني.


 

التطلع نحو مستقبل أفضل لحماية المستهلك

 

تواصل سلطنة عُمان جهودها لتطوير وتعزيز منظومة حماية المستهلك. ومع تزايد التعقيدات في السلع والخدمات الحديثة، سيظل دور الخبراء الفنيين محوريًا في ضمان تقديم قرارات عادلة ومنصفة، وفقًا لـ قانون حماية المستهلك العُماني. يمكن للهيئة أن تستكشف آليات لإنشاء قاعدة بيانات للخبراء المعتمدين في مختلف التخصصات، وتطوير برامج تدريبية لمحققيها لتعزيز فهمهم للجوانب الفنية، وتشجيع المستهلكين على الإبلاغ عن الشكاوى بثقة ويقين بأن هناك جهات متخصصة ستقوم ببحثها بدقة.

 

إن التعاون المستمر بين هيئة حماية المستهلك، والخبراء، والمجتمع التجاري، والأهم من ذلك، المستهلك الواعي، هو ما سيضمن استمرار تقدم وتطور آليات حماية المستهلك في سلطنة عُمان، بما يعود بالنفع على الجميع ويساهم في بناء سوق تجاري يتميز بالعدالة والشفافية. كل هذا بفضل الأسس القوية التي أرساها قانون حماية المستهلك العُماني.

عندما يتعرض المستهلك للغش يحق لة المطالبة بالتعويض عن الضرر وفق قانون المعاملات المدنية العماني

قانون حماية المستهلك العماني

قانون حماية المستهلك يحميك

نموذج استمارة حماية المستهلك قانونية

حق المستهلك

حق المستهلك

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *