المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العماني:كل ماتحتاج معرفته رعاية وحماية مصلحة الصغير

بقلم المحامي/يوسف الخضوري

مقدمة

تُعدّ مؤسسة الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العماني من أهم الركائز التي يقوم عليها بناء الأسرة واستقرارها، خاصة في أعقاب الانفصال أو الخلافات الزوجية. فهي ليست مجرد ترتيبات لرعاية الطفل، بل هي منظومة قانونية متكاملة تهدف إلى تحقيق المصلحة الفضلى للصغير وضمان نشأته في بيئة سليمة وآمنة، تحفظ حقوقه وتلبي احتياجاته المادية والمعنوية والنفسية.

مفهوم الحضانة وأهميتها القانونية والاجتماعية ( الحضانه، قانون الأحوال الشخصية العماني)

يمكن تعريف الحضانة في السياق القانوني العماني بأنها ولاية على تربية الطفل ورعايته والقيام بشؤونه المختلفة، بما في ذلك الإشراف على تعليمه وصحته وتأديبه وتهذيبه. وتكتسب هذه الولاية أهمية قصوى كونها تتعلق بمستقبل جيل بأكمله، فالأطفال هم عماد المجتمع وركيزته الأساسية. لذا، يولي قانون الأحوال الشخصية العماني اهتمامًا بالغًا بتنظيم أحكام الحضانة بما يكفل تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي.

المبادئ الأساسية التي تحكم الحضانة في القانون العماني

يستند نظام الحضانة في القانون العماني إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي تهدف في مجملها إلى حماية مصلحة الطفل الفضلى. من أبرز هذه المبادئ:

  • مصلحة المحضون الفضلى: يعتبر هذا المبدأ هو المعيار الأسمى الذي تستند إليه المحكمة في جميع القرارات المتعلقة بالحضانة. ويشمل هذا المبدأ مراعاة احتياجات الطفل المادية والنفسية والعاطفية والتعليمية والصحية.
  • استقرار المحضون: يحرص القانون على توفير بيئة مستقرة للمحضون قدر الإمكان، وتجنب نقله المتكرر بين الحاضنين لما في ذلك من تأثير سلبي على استقراره النفسي.
  • حق الأم في الحضانة: يولي القانون العماني الأم أولوية في حضانة أطفالها في المراحل الأولى من حياتهم، لما لها من دور طبيعي في رعايتهم وتنشئتهم.
  • مراعاة مصلحة الأب: لا يغفل القانون دور الأب ومسؤوليته تجاه أبنائه، ويمنحه الحق في الإشراف والرؤية والمشاركة في تربيتهم.
  • التوازن بين حقوق الطرفين: يسعى القانون إلى تحقيق توازن عادل بين حقوق كل من الأب والأم بما يخدم مصلحة الطفل في المقام الأول.

من يستحق الحضانة؟ ترتيب الأحقية في القانون العماني ( أحقية الحضانة، ترتيب الحاضنين)

حدد قانون الأحوال الشخصية العماني ترتيبًا لأصحاب الحق في الحضانة عند النزاع، مع إمكانية تعديل هذا الترتيب إذا اقتضت مصلحة المحضون ذلك. ووفقًا للمادة (130) من القانون، يكون ترتيب الأحقية في الحضانة على النحو التالي:https://qanoon.om/p/1997/rd1997032/

  1. الأم: تستحق الأم حضانة أولادها ما لم يوجد بها مانع شرعي يسقط حقها في الحضانة.
  2. الأب: ينتقل حق الحضانة إلى الأب بعد الأم إذا لم تستحقها أو إذا تنازلت عنها أو توفيت.
  3. أم الأم: إذا لم يوجد الأب أو لم يستحق الحضانة، تنتقل إلى أم الأم.
  4. أم الأب: إذا لم توجد أم الأم أو لم تستحق الحضانة، تنتقل إلى أم الأب.
  5. الأخوات: ثم الأخوات الشقيقات، ثم الأخوات لأم، ثم الأخوات لأب.
  6. العمات والخالات: ثم العمات الشقيقات، ثم العمات لأب، ثم العمات لأم، ثم الخالات الشقيقات، ثم الخالات لأب، ثم الخالات لأم.
  7. الأقارب من الذكور: ثم الأقارب من الذكور المحارم البالغين الأرشد بترتيب الإرث.

شروط استحقاق الحضانة ( شروط الحضانة، موانع الحضانة)

وضع قانون الأحوال الشخصية العماني مجموعة من الشروط التي يجب توافرها في الحاضن أو الحاضنة لضمان قيامه بمسؤولياته على أكمل وجه وتحقيق مصلحة المحضون. وقد نصت المادة (126) على هذه الشروط، والتي تشمل:https://alwatan.om/details/370410

  • البلوغ والعقل: يجب أن يكون الحاضن بالغًا عاقلًا وقادرًا على تحمل مسؤولية تربية المحضون ورعايته.
  • الأمانة والقدرة على التربية: يجب أن يكون الحاضن أمينًا وقادرًا على تربية المحضون تربية صالحة وحمايته من أي ضرر.
  • السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة: يجب أن يكون الحاضن سليمًا من الأمراض المعدية الخطيرة التي قد تهدد صحة المحضون.
  • عدم وجود حكم قضائي سابق بإسقاط الحضانة: يجب ألا يكون قد صدر بحق الحاضن حكم قضائي سابق بإسقاط حضانته عن أي محضون آخر.
  • بالنسبة للحاضنة غير الأم: يجب ألا تكون متزوجة بزوج أجنبي عن المحضون إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون.

كما توجد موانع للحضانة تسقط حق المستحق فيها، مثل ثبوت عدم أهليته أو إهماله للمحضون أو تعريضه للخطر.

حق الرؤية والاستضافة ( حق الرؤية، استضافة المحضون)

يضمن قانون الأحوال الشخصية العماني للطرف غير الحاضن الحق في رؤية واستضافة المحضون، وذلك حفاظًا على صلة الرحم والعلاقة الودية بين الأبناء وأبيهم أو أمهم غير الحاضنة. وقد نصت المادة (137) على أن “لكل من الأبوين الحق في رؤية المحضون واستزارته واستصحابه بالقدر الذي لا يضر بمصلحة المحضون، وإذا تعذر الاتفاق على ذلك نظمته المحكمة”.https://mail.almerja.com/reading.php?idm=210970

تحدد المحكمة بناءً على ظروف كل حالة كيفية ومكان وزمان الرؤية والاستضافة بما يراعي مصلحة الطفل ويضمن راحته وعدم تعطيل حياته اليومية.

مسائل متعلقة بنفقة المحضون (: نفقة المحضون، مسؤولية الإنفاق)

تعتبر نفقة المحضون واجبة على الأب ما لم يكن فقيرًا غير قادر على الإنفاق، وفي هذه الحالة قد تلزم الأم الموسرة بالنفقة. تشمل النفقة توفير المسكن والملبس والمأكل والعلاج والتعليم وجميع الاحتياجات الأساسية للمحضون بما يتناسب مع مستواه المعيشي المعتاد. وتخضع تقديرات النفقة لتقدير المحكمة بناءً على دخل الملزم بها واحتياجات المحضون.

إسقاط الحضانة ونقلها (الكلمات المفتاحية: إسقاط الحضانة، نقل الحضانة)

يجيز قانون الأحوال الشخصية العماني إسقاط الحضانة عن الحاضن إذا طرأت عليه ظروف تقتضي ذلك، مثل فقدانه لأحد شروط الحضانة المنصوص عليها في القانون أو إهماله للمحضون أو تعريضه للخطر. كما يجوز نقل الحضانة من حاضن إلى آخر إذا اقتضت مصلحة المحضون ذلك، حتى لو كان الحاضن الأول مستوفيًا للشروط. وتختص المحكمة بنظر دعاوى إسقاط الحضانة ونقلها بناءً على الأدلة والقرائن المقدمة.

دور المحكمة في قضايا الحضانة ( دور المحكمة، قضايا الحضانة)

تلعب المحكمة دورًا محوريًا في قضايا الحضانة، فهي الجهة المختصة بالفصل في المنازعات المتعلقة بها وتحديد من هو الأحق بالحضانة وتنظيم حق الرؤية والاستضافة وتقدير النفقة واتخاذ القرارات اللازمة لحماية مصلحة المحضون. وتستند المحكمة في قراراتها إلى الأدلة المقدمة من الأطراف وإلى تقارير الخبراء الاجتماعيين والنفسيين إذا لزم الأمر، وتضع مصلحة الطفل فوق أي اعتبار آخر.

التحديات والآفاق المستقبلية في قضايا الحضانة

على الرغم من التطور الذي شهده قانون الأحوال الشخصية العماني في تنظيم أحكام الحضانة، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه التطبيق العملي لهذه الأحكام، مثل طول أمد التقاضي في بعض الحالات وتضارب المصالح بين الأطراف. لذا، تبرز الحاجة إلى مزيد من التوعية القانونية بحقوق وواجبات الأطراف في قضايا الحضانة، وتفعيل دور الوساطة الأسرية لتسوية المنازعات ودياً، وتطوير آليات قضائية أكثر سرعة وفعالية لحماية مصلحة الطفل الفضلى.

خلاصة

تظل الحضانة في قانون الأحوال الشخصية العماني مسؤولية عظيمة وأمانة جسيمة، تهدف إلى توفير البيئة المناسبة لنمو الأطفال وتنشئتهم نشأة صالحة. وقد حرص القانون على تنظيم هذه المسألة بدقة واهتمام بالغين، مع إعطاء الأولوية القصوى لمصلحة المحضون الفضلى في جميع الأحوال. إن فهم الأطر القانونية المنظمة للحضانة والإلمام بالحقوق والواجبات المترتبة عليها يساهم في تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي وضمان مستقبل واعد لأجيالنا القادمة.

رابط مهم عن الحضانة https://law-yuosif.com/قانون-الحضانة-في-عمان-حقوق-ورعاية/

رابط مهم عن النفقة https://law-yuosif.com/دعوى-نفقة-الزوجة-في-القانون-العماني/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *