دليل الاستثمار في السعودية: أحدث التشريعات والفرص الواعدة لعام 2025

تشريعات الاستثمار في السعودية 2025

مقدمة:
تتبوأ المملكة العربية السعودية مكانة اقتصادية مرموقة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتسعى بخطى حثيثة نحو تحقيق تحول اقتصادي شامل في إطار رؤية 2030. يرتكز هذا التحول على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز دور القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات النوعية القادرة على خلق قيمة مضافة وتوفير فرص العمل المستدامة. تحقيقاً لهذه الغايات الطموحة، أولت المملكة اهتماماً بالغاً بتطوير بنيتها التشريعية المنظمة للاستثمار، بهدف تهيئة بيئة استثمارية جاذبة، مستقرة، وشفافة، وقادرة على استقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية على حد سواء.
يتناول هذا المقال القانوني تحليلاً معمقاً للإطار التشريعي المنظم للاستثمار في المملكة العربية السعودية، مع التركيز بشكل خاص على نظام الاستثمار الجديد الصادر مؤخراً، بالإضافة إلى استعراض أبرز التشريعات الأخرى ذات الصلة. سيتم تسليط الضوء على أهم المبادئ التي يرتكز عليها هذا الإطار، والحقوق والضمانات التي يوفرها للمستثمرين، والإجراءات المتعلقة بتسجيل الاستثمارات وإدارتها، وآليات تسوية المنازعات الاستثمارية، مع الإشارة بشكل واضح ومفصل إلى المواد القانونية ذات الصلة في الأنظمة المختلفة.
الإطار القانوني الحاكم للاستثمار: نظام الاستثمار الجديد كحجر الزاوية
يمثل نظام الاستثمار الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/19) وتاريخ 11/08/1446هـ الموافق 22/07/2024م، والذي حل محل نظام الاستثمار الأجنبي السابق، نقلة نوعية في تنظيم البيئة الاستثمارية في المملكة. يهدف هذا النظام الطموح إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، من أبرزها: تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية وتنميتها بشكل مستدام، والمساهمة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية الشاملة، وتوفير فرص العمل النوعية للمواطنين السعوديين، ونقل وتوطين التقنية والمعرفة، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني على الصعيد العالمي.


مرتكزات نظام الاستثمار الجديد في السعودية: مبادئ تدعم النمو والاستدامة

  • مبدأ المساواة المطلقة في المعاملة: يعتبر مبدأ المساواة في المعاملة بين المستثمرين الوطنيين والأجانب في جميع الجوانب المتعلقة بالاستثمار، وفي الظروف المتماثلة، حجر الزاوية في نظام الاستثمار الجديد.
  • المادة (4): “يُعامل جميع المستثمرين بعدل وإنصاف، ويُمنح المستثمر الوطني والمستثمر الأجنبي في الظروف المتماثلة المعاملة نفسها.” يؤكد هذا النص الصريح على التزام المملكة بتوفير بيئة استثمارية عادلة وغير تمييزية https://laws.boe.gov.sa/BoeLaws/Laws/LawDetails/eda86cc3-3a00-4b90-900d-b1d000c8a863/1.
  • حرية ممارسة النشاط الاستثماري: يقر النظام بحق المستثمرين، سواء كانوا وطنيين أو أجانب، في ممارسة أي نشاط استثماري يرونه مناسباً، وذلك مع مراعاة أحكام الأنظمة الأخرى والقيود التي قد تفرضها اللوائح التنفيذية لاعتبارات تتعلق بالأمن الوطني أو المصالح العامة العليا.
  • المادة (3): “مع مراعاة أحكام الأنظمة الأخرى، يُسمح للمستثمر الوطني والمستثمر الأجنبي بممارسة أي نشاط استثماري.” يمثل هذا النص تأكيداً على مبدأ حرية الاستثمار كحق أصيل للمستثمر https://laws.boe.gov.sa/BoeLaws/Laws/LawDetails/eda86cc3-3a00-4b90-900d-b1d000c8a863/1.
    الحقوق والضمانات الأساسية للمستثمرين بموجب نظام الاستثمار الجديد:
    يقدم نظام الاستثمار الجديد حزمة شاملة من الحقوق والضمانات للمستثمرين بهدف حماية استثماراتهم وتعزيز ثقتهم في البيئة الاستثمارية السعودية:
  • حرية إدارة الاستثمار والتصرف فيه: يتمتع المستثمر بحرية كاملة في إدارة استثماره وتنميته والتصرف فيه بجميع الوسائل النظامية.
  • المادة (4/أ): “للمستثمر الحق في إدارة استثماره وتنميته والتصرف فيه بجميع الوسائل النظامية.”
  • حرية تصفية الاستثمار وتحويل عوائده: يضمن النظام للمستثمر الحق في تصفية استثماره وتحويل عوائده ورأس المال المستثمر إلى الخارج عبر القنوات النظامية وبالعملة القابلة للتحويل.
  • المادة (4/ب): “للمستثمر الحق في تصفية استثماره وتحويل عوائده ورأس المال المستثمر إلى الخارج عبر القنوات النظامية وبالعملة القابلة للتحويل.”
  • حماية حقوق الملكية الفكرية والمعلومات التجارية السرية: يكفل النظام حماية حقوق الملكية الفكرية للمستثمرين ومعلوماتهم التجارية السرية وفقاً للأنظمة ذات الصلة.
  • المادة (4/ج): “تُحمى حقوق الملكية الفكرية والمعلومات التجارية السرية للمستثمر وفقاً للأنظمة ذات الصلة.”
  • الحماية من المصادرة ونزع الملكية التعسفي: يحظر النظام مصادرة استثمارات المستثمرين كلياً أو جزئياً إلا بموجب حكم قضائي نهائي. كما ينظم إجراءات نزع الملكية للمصلحة العامة وفقاً للإجراءات النظامية العادلة ولقاء تعويض عادل.
  • المادة (4/د): “لا يجوز مصادرة الاستثمارات كلياً أو جزئياً إلا بموجب حكم قضائي نهائي.”
  • المادة (4/هـ): “لا يجوز نزع ملكية الاستثمارات بشكل مباشر أو غير مباشر إلا للمصلحة العامة ووفقاً للإجراءات النظامية ولقاء تعويض عادل.”
    إجراءات تسجيل الاستثمار وتسهيل الخدمات للمستثمرين:
    استبدل نظام الاستثمار الجديد نظام الترخيص السابق بنظام تسجيل مبسط يهدف إلى تسهيل وتسريع إجراءات بدء الأعمال للمستثمرين.
  • السجل الوطني للمستثمرين: ينشئ النظام سجلاً وطنياً للمستثمرين تقيد فيه البيانات والمعلومات المتعلقة باستثماراتهم.
  • المادة (7/أ): “تنشئ الوزارة سجلاً وطنياً للمستثمرين تُقيد فيه البيانات والمعلومات المتعلقة باستثماراتهم.”
  • مركز الخدمة الشامل للمستثمرين: أناط النظام بالوزارة إنشاء مركز خدمة شامل يتولى تقديم جميع الخدمات والتسهيلات اللازمة للمستثمرين، بما في ذلك الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة.
  • المادة (7/ب): “تتولى الوزارة إدارة السجل وتحديثه والمحافظة على سريته، وإنشاء مركز خدمة شامل للمستثمرين يتولى تقديم جميع الخدمات والتسهيلات اللازمة لهم بالتنسيق مع الجهات المعنية.”
    الحوافز الاستثمارية وآليات دعم الاستثمار:
    يجيز نظام الاستثمار الجديد منح حوافز استثمارية للمستثمرين بهدف تشجيع الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
  • معايير منح الحوافز: يتم منح الحوافز وفقاً لمعايير أهلية وتقييم موضوعية وشفافة تحددها اللوائح التنفيذية.
  • المادة (6): “يجوز للجهة المختصة منح حوافز للمستثمرين وفقاً لمعايير أهلية وتقييم موضوعية وشفافة تحددها اللوائح التنفيذية.”
    تسوية المنازعات الاستثمارية:
    يوفر نظام الاستثمار الجديد آليات واضحة وفعالة لتسوية المنازعات التي قد تنشأ بين المستثمرين والجهات الحكومية.
  • اللجوء إلى القضاء المختص: يضمن النظام حق المستثمر في اللجوء إلى القضاء المختص للفصل في أي نزاع ينشأ بينه وبين أي جهة حكومية.
  • المادة (13): “يجوز للمستثمر الوطني والأجنبي اللجوء إلى المحكمة المختصة في المنازعات التي تنشأ بينه وبين أي جهة حكومية، ما لم يتفق أطراف النزاع على خلاف ذلك.”
  • الطرق البديلة لتسوية المنازعات: يجيز النظام للمستثمرين الاتفاق على تسوية منازعاتهم ودياً أو عن طريق التحكيم أو الوساطة أو الصلح.
  • المادة (14): “يجوز للمستثمرين الاتفاق على تسوية منازعاتهم الناشئة عن الاستثمار بالطرق البديلة لتسوية المنازعات، بما في ذلك التحكيم والوساطة والصلح.”
    العقوبات على مخالفة أحكام نظام الاستثمار:
    حدد نظام الاستثمار الجديد عقوبات واضحة ورادعة على مخالفة أحكامه، مع مراعاة مبدأ التناسب بين المخالفة والعقوبة.
  • المادة (15): تضمنت هذه المادة تفصيلاً لأنواع المخالفات والعقوبات المترتبة عليها، والتي تتراوح بين الإنذار والغرامات المالية وقد تصل إلى إلغاء الترخيص أو التسجيل في حالات المخالفات الجسيمة.
    تشريعات أخرى ذات أهمية للاستثمار في المملكة العربية السعودية:
    بالإضافة إلى نظام الاستثمار الجديد، يوجد عدد من الأنظمة واللوائح الأخرى التي تلعب دوراً حيوياً في تنظيم مختلف جوانب الاستثمار في المملكة:
  • نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/143) وتاريخ 14/05/1443هـ الموافق 19/12/2021م: ينظم هذا النظام تأسيس الشركات بأنواعها المختلفة (مثل الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والشركات المساهمة، وغيرها)، وإدارتها، وحوكمتها، وانقضائها، ويحدد حقوق والتزامات الشركاء والمساهمين. يعتبر هذا النظام أساسياً لأي نشاط استثماري يتخذ شكل شركة.
  • المادة (2): تحدد أنواع الشركات التجارية المسموح بتأسيسها في المملكة.
  • المواد من (16) إلى (53): تتناول أحكام تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة وإدارتها.
  • المواد من (54) إلى (180): تتناول أحكام تأسيس الشركات المساهمة وإدارتها وحوكمتها.
  • نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 26/07/1444هـ الموافق 17/02/2023م: يوفر هذا النظام الحماية القانونية للعلامات التجارية التي يستخدمها المستثمرون لتمييز منتجاتهم أو خدماتهم، ويحدد إجراءات تسجيل العلامات التجارية وحقوق مالكيها ووسائل حماية هذه الحقوق.
  • المادة (3): تحدد العلامات التجارية التي يجوز تسجيلها.
  • المواد من (11) إلى (21): تتناول إجراءات تسجيل العلامات التجارية.
  • المواد من (37) إلى (45): تحدد حقوق مالك العلامة التجارية ووسائل حماية هذه الحقوق.
  • نظام براءات الاختراع والتصاميم التخطيطية للدارات المتكاملة والأصناف النباتية والنماذج الصناعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/82) وتاريخ 12/09/1443هـ الموافق 13/04/2022م: يحمي هذا النظام الاختراعات والتصاميم الصناعية والأصناف النباتية والنماذج الصناعية، ويمنح المخترعين وأصحاب الحقوق حقوقاً حصرية لاستغلال اختراعاتهم وتصاميمهم لفترة محددة.
  • المادة (4): تحدد شروط منح براءة الاختراع.
  • المواد من (15) إلى (25): تتناول إجراءات الحصول على براءة الاختراع.
  • المواد من (33) إلى (39): تحدد حقوق مالك براءة الاختراع.
  • نظام المنافسة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/75) وتاريخ 29/06/1440هـ الموافق 06/03/2019م: يهدف هذا النظام إلى تعزيز المنافسة العادلة في السوق ومنع الممارسات الاحتكارية التي قد تضر بالمستهلكين والاقتصاد الوطني.
  • المادة (4): تحظر الاتفاقيات أو الترتيبات أو الممارسات المقيدة للمنافسة.
  • المادة (5): تحظر إساءة استخدام الوضع المهيمن.
  • أنظمة المناطق الاقتصادية الخاصة: أنشأت المملكة مناطق اقتصادية خاصة تهدف إلى جذب الاستثمارات في قطاعات محددة من خلال توفير حوافز خاصة وتسهيلات تنظيمية وإجرائية. تخضع هذه المناطق لأنظمة ولوائح خاصة بها تكمل الإطار القانوني العام للاستثمار.
  • الأنظمة الضريبية: تحدد الأنظمة الضريبية في المملكة أنواع الضرائب والرسوم المستحقة على الشركات والاستثمارات، مثل ضريبة الدخل على الشركات وضريبة القيمة المضافة.
  • أنظمة العمل والتأشيرات: تنظم هذه الأنظمة علاقات العمل بين أصحاب العمل والعاملين، وتحدد أنواع التأشيرات والإجراءات المتعلقة باستقدام العمالة الوافدة، بما في ذلك تأشيرات المستثمرين والعاملين لديهم.
    الخلاصة والتوصيات:
    لقد قامت المملكة العربية السعودية بإرساء بنية تشريعية متطورة وشاملة لتنظيم الاستثمار، يمثل نظام الاستثمار الجديد جوهرها. يؤكد هذا النظام على مبادئ العدالة والمساواة والشفافية وحماية حقوق المستثمرين وتسهيل الإجراءات، مما يعكس التزام المملكة الجاد بتهيئة بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة.
    ومع ذلك، فإن فهم الإطار القانوني للاستثمار يتطلب دراسة متعمقة ليس فقط لنظام الاستثمار الجديد، بل أيضاً للأنظمة واللوائح الأخرى ذات الصلة التي تنظم جوانب محددة من النشاط الاقتصادي والاستثماري. ينصح المستثمرون والمهتمون بالشأن القانوني الاستثماري في المملكة بما يلي:
  • متابعة اللوائح التنفيذية والقرارات ذات الصلة بنظام الاستثمار الجديد: هذه اللوائح ستوضح تفاصيل الإجراءات والمعايير المتعلقة بتطبيق النظام.
  • الاطلاع على الأنظمة الأخرى ذات الصلة بالنشاط الاستثماري المحدد: فهم نظام الشركات، ونظام العلامات التجارية، ونظام براءات الاختراع، وأنظمة العمل والضرائب وغيرها ضروري لضمان الامتثال القانوني وحماية الحقوق.
  • الاستعانة بمستشارين قانونيين متخصصين: يمكن للمستشارين القانونيين تقديم المشورة اللازمة بشأن الإجراءات القانونية والامتثال للمتطلبات النظامية وتقديم الدعم في حالة وجود أي نزاعات استثمارية.
  • مواكبة التحديثات والتعديلات التشريعية: البيئة القانونية في المملكة تشهد تطوراً مستمراً، لذا من المهم البقاء على اطلاع دائم بأي تعديلات أو قوانين جديدة قد تؤثر على الاستثمارات.
    من خلال فهم الإطار القانوني المنظم للاستثمار والالتزام بأحكامه، يمكن للمستثمرين الاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية الواعدة التي تقدمها المملكة العربية السعودية والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة.

مقال مهم / الغرامات في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية السعودي: ما الذي قد يكلفك الكثير؟ https://law-yuosif.com/لغرامات-في-العقود-الحكومية-دروس-وعبر-ل/

مقال مهم / أهمية العقود ومراجعتها في النظام التجاري السعودي https://law-yuosif.com/العقود-التجارية-في-السعودية-حماية-الح/

كاتب المقال:
المستشار القانوني يوسف الخضوري – سلطنة عمان، مسقط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *