المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

الإطار القانوني العماني 🇴🇲 لمكافحة غسل الأموال

 

مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: الإطار القانوني العماني 🇴🇲

"الإطار القانوني العماني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودوره في حماية الاقتصاد الوطني."
“الإطار القانوني العماني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودوره في حماية الاقتصاد الوطني.”

 

تُعَدُّ مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من الأولويات القصوى في سلطنة عمان، وذلك لما لهما من آثار سلبية على الاستقرار المالي والاقتصادي والأمن القومي. لقد اتخذت السلطنة خطوات جادة في هذا المجال من خلال إصدار تشريعات قوية تتماشى مع المعايير الدولية. يهدف هذا المقال إلى استعراض أبرز أحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في سلطنة عمان، الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (30/2016)، مع توضيح أركان الجريمتين، والعقوبات المقررة، والتدابير الوقائية.

 

الإطار القانوني: المرسوم السلطاني رقم (30/2016)

 

يُعتبر المرسوم السلطاني رقم (30/2016) بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو المرجع الأساسي في سلطنة عمان لهذه الجرائم. وقد جاء هذا القانون ليحل محل المرسوم السلطاني رقم (79/2010)، مما يعكس حرص السلطنة على تحديث تشريعاتها لمواكبة التطورات العالمية في مجال الجرائم المالية.

يحدد القانون الأفعال التي تُعتبر جريمة، ويفرض التزامات على المؤسسات المالية وغير المالية، ويُنشئ آليات للتعاون المحلي والدولي.

 

جريمة غسل الأموال: أركانها في القانون العماني

 

وفقًا لـ المادة (6) من القانون العماني، يُعد مرتكبًا لجريمة غسل الأموال كل شخص، سواء كان مرتكبًا للجريمة الأصلية أم شخصًا آخر، يقوم عمدًا بأحد الأفعال الآتية، مع علمه أو اشتباهه بأن الأموال هي عائدات جريمة:

  • التحويل أو الاستبدال: تبديل أو تحويل الأموال بهدف إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع.

  • الإخفاء أو التمويه: إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها.

  • الحيازة أو الاستخدام: تملك الأموال أو حيازتها أو استخدامها بعد تسلمها.

يُؤكد القانون على أن جريمة غسل الأموال تُعَدُّ جريمة مستقلة عن الجريمة الأصلية. بمعنى أنه لا يُشترط إدانة المتهم في الجريمة الأصلية (مثل تهريب المخدرات أو الرشوة) لإثبات أن الأموال هي عائدات جريمة. وهذا يمنح القضاء سلطة أوسع في ملاحقة المتورطين في غسل الأموال، حتى لو لم يتمكن من إثبات الجريمة التي تولدت عنها الأموال.

 

جريمة تمويل الإرهاب: تعريفها في القانون العماني

 

يُعرّف القانون جريمة تمويل الإرهاب بأنها كل فعل يقوم به شخص عمداً بتوفير، أو جمع، أو الحصول على، أو حيازة، أو تقديم، أو نقل، أو استخدام، أو إخفاء، أو إدارة، أو استثمار الأموال، أو المساعدة في أي من هذه الأفعال، وذلك بقصد استخدامها كليًا أو جزئيًا من قبل شخص إرهابي أو منظمة إرهابية، سواء وقع الفعل الإرهابي أم لم يقع.

وهذا يؤكد أن مجرد توفير الأموال، حتى لو كانت من مصادر مشروعة، لأغراض إرهابية يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.

 

العقوبات في القانون العماني: الرادع القانوني

 

تُعتبر العقوبات المقررة في القانون العماني من العقوبات الرادعة التي تهدف إلى القضاء على هذه الجرائم. وفقًا لما أشارت إليه بعض المصادر القانونية العمانية، فإن عقوبة غسل الأموال في القانون العماني هي:

  • السجن: يُعاقب كل من يرتكب جريمة غسيل الأموال بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمسة عشر سنة.

  • الغرامة: تُفرض غرامة مالية لا تقل عن مثل الأموال محل الجريمة، مما يعني أن الغرامة تكون على الأقل مساوية لقيمة الأموال التي تم غسلها.

بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون على عقوبات إضافية مثل المصادرة، والتي تشمل مصادرة الأموال والعائدات والأدوات المستخدمة في الجريمة. كما تُشدد العقوبات في حالات معينة، مثل إذا كانت الجريمة الأصلية جناية، أو إذا كان غسل الأموال يتم ضمن عصابة منظمة.

 

الجهات الرقابية والإجراءات الوقائية

 

يُعطي القانون العماني أهمية كبرى للتدابير الوقائية لمكافحة هذه الجرائم. ومن أبرز هذه التدابير والجهات المسؤولة عنها:

  • وحدة التحريات المالية: تُعد هذه الوحدة هي الجهة المسؤولة عن تلقي التقارير عن المعاملات المشبوهة من قبل المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة في القانون (مثل المحامين، وكلاء العقارات، تجار المعادن والأحجار الثمينة).

  • اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: تختص هذه اللجنة بوضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الجرائم، وتقييم المخاطر على المستوى الوطني، والتنسيق بين الجهات المختلفة.

  • العناية الواجبة للعملاء (CDD): يُلزم القانون جميع المؤسسات الخاضعة للرقابة بتطبيق إجراءات العناية الواجبة للعملاء، والتي تشمل التحقق من هوية العملاء، وفهم طبيعة علاقاتهم، ومراقبة معاملاتهم باستمرار.

 

التعاون الدولي: حاجة ملحة في القانون العماني

 

يُؤكد القانون العماني على أهمية التعاون الدولي في مكافحة هذه الجرائم العابرة للحدود. وتُسهّل القوانين والإجراءات العمانية تبادل المعلومات مع نظيراتها في الدول الأخرى، وذلك في إطار اتفاقيات التعاون القضائي والأمني، أو على أساس مبدأ المعاملة بالمثل. هذا التعاون يُعد ضروريًا لتتبع مسارات الأموال غير المشروعة عبر الحدود، والقبض على المجرمين، ومصادرة عائداتهم.

خلاصة

 

إن الإطار القانوني العماني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعلى رأسه المرسوم السلطاني رقم (30/2016)، يُعد إطارًا متينًا وفعالًا. فهو لا يكتفي بفرض عقوبات رادعة على مرتكبي الجرائم، بل يركز أيضًا على الوقاية من خلال إلزام المؤسسات بوضع سياسات صارمة، وإنشاء آليات وطنية للتنسيق، وتكثيف التعاون الدولي.

تُظهر هذه الجهود التزام سلطنة عمان بحماية اقتصادها ونظامها المالي من الأنشطة الإجرامية، وتعزيز مكانتها كشريك موثوق به في المجتمع الدولي لمكافحة هذه الجرائم الخطيرة.

كل ما تحتاج إلى معرفته عن المادة (6) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في القانون العُماني – المادة (6)

قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *