المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

نظام الحضانة السعودي الجديد: شروط وأحكام أولوية رعاية الطفل

يركز هذا التصنيف على الأحكام القانونية والشرعية المتعلقة برعاية الأطفال بعد انفصال الوالدين (أو في حالات فقدان الأهلية)، بدءاً من ترتيب الأحقية (الأم أولاً، ثم الأب، ثم الأقرباء)، مروراً بشروط الحاضن (الأهلية، القدرة، السلامة من الأمراض الخطيرة)، وصولاً إلى سن انتهاء الحضانة (18 عاماً أو 15 عاماً مع حق المحضون في الاختيار)، مع جعل مصلحة المحضون هي المعيار الأسمى في جميع قرارات المحكمة.

لقراءة مقالاتنا المتخصصة، تفضل بالدخول عبر الرابط التالي:

⚖️ الحضانة في النظام السعودي: تحليل المادتين (124) و (125) وشروط الحاضن

نظام الحضانة السعودي الجديد (المادة 127): الأم أولاً ومبدأ “مصلحة المحضون فوق الجميع”

 

“للاطلاع على النص القانوني الرسمي بالكامل، وضمان إلمامك بكل مادة ونقطة دون تفسير، يُرجى الرجوع للمصدر الموثوق.”

نظام الاحوال الشخصية السعودي

 

 

سقوط حضانة الأم: المادة 128 من نظام الأحوال الشخصية السعودي

مقدمة: ريادة مصلحة المحضون يمثل نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد، الصادر عام 1443هـ (2022م)، نقلة نوعية في تنظيم قضايا الأسرة، وعلى رأسها قضايا الحضانة. لقد رسخ النظام مبدأ أن مصلحة المحضون هي الاعتبار الأسمى والمقدم على مصالح وحقوق الحاضن. ووفقاً للمادة (127) من النظام، تكون الحضانة في الأصل للأم ثم للأب، ثم للأحق من الأقارب. ورغم هذه الأولوية التي منحها النظام للأم كحاضنة طبيعية، إلا أن هذا الحق ليس مطلقاً، بل يخضع لشروط محددة إذا ما تخلف أحدها، أمكن للطرف الآخر المطالبة بإسقاط الحضانة عنها. السؤال المركزي الذي يشغل المحاكم والأسر هو: متى تسقط حضانة الأم في النظام السعودي الجديد؟ تحدد المادة (128) من النظام الإطار العام للإجابة على هذا التساؤل.   المادة القانونية لسقوط الحضانة: المادة (128)   ينص نظام الأحوال الشخصية على أن الحق في الحضانة يسقط إذا تخلف أي شرط من الشروط الواجب توافرها في الحاضن. تأتي المادة (128) من نظام الأحوال الشخصية لتحدد الحالات العامة لسقوط الحضانة، وهي تنطبق على الأم وغيرها من مستحقي الحضانة. وتنص المادة (128) على أنه: “يسقط الحق في الحضانة في الحالات الآتية:1     إذا تخلف أحد الشروط المذكورة في المادتين (الخامسة والعشرين بعد المائة) و(السادسة والعشرين بعد المائة) من هذا النظام.2     إذا انتقل الحاضن إلى مكان بقصد الإقامة تفوت به مصلحة المحضون.3     إذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة تزيد على 4سنة من غير عذر، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك.”     بناءً على هذه المادة، يمكن تفصيل الحالات التي تؤدي إلى سقوط حق الأم في الحضانة.   أولاً: تخلف الشروط العامة والخاصة (المواد 125 و 126)   إن أول وأهم أسباب سقوط الحضانة هو تخلف شرط أساسي من شروط الحاضن، سواء كانت شروطاً عامة أو الشرط الخاص بالأم الحاضنة.   أ. تخلف الشروط العامة في الحاضن (المادة 125)   تسقط الحضانة عن الأم إذا فقدت أحد الشروط العامة المنصوص عليها في المادة (125)، والتي تشمل: العقل والبلوغ: يجب أن يكون الحاضن كامل الأهلية (بالغاً وعاقلاً). فإذا أصيبت الأم الحاضنة بمرض نفسي أو عقلي مُقعد يُفقِدها القدرة على رعاية المحضون، يسقط حقها. الأمانة: يجب أن يكون الحاضن أهلاً للأمانة. إذا ثبت ارتكاب الأم لأفعال مخلة بالشرف أو الأمانة بموجب حكم قضائي نهائي (سواء كان جنائياً أو أخلاقياً)، مما يهدد أخلاق المحضون وتربيته، يسقط حقها. القدرة على رعاية المحضون: يجب أن يكون الحاضن قادراً على تربية المحضون وصيانته. إذا ثبت إهمال الأم البالغ والملحوظ في الرعاية، أو عدم توفير الاحتياجات الأساسية والصحية والتعليمية، أو ممارسة العنف الجسدي أو النفسي ضد المحضون، يسقط حقها.   ب. الشرط الخاص بزواج الأم (المادة 126)   تعتبر مسألة زواج الأم بعد الطلاق من أكثر النقاط حساسية، وقد جاء النظام الجديد بتفصيل واضح لها. تنص المادة (126)، فقرة (2)، على أن: “إذا كان الحاضن غير الأب، فيشترط أن لا تكون متزوجة بغير محرم للمحضون.” القاعدة: يسقط حق الأم في الحضانة بمجرد زواجها برجل أجنبي (غير محرم) للمحضون، لأن هذا الزواج قد يعرض المحضون لضرر أو يشتت رعايته. الاستثناءات: وفقاً للنظام، لا يسقط حق الأم في الحضانة عند زواجها إذا: كان المحضون لم يتجاوز السنتين من عمره (رغم زواج الأم، تكون هي أحق بالحضانة في هذا السن). كان الزوج محرماً للمحضون (مثل عم الطفل). قضت المحكمة ببقاء الحضانة للأم لمصلحة المحضون (السلطة التقديرية للقاضي).   ثانياً: الضرر بمصلحة المحضون بسبب الانتقال أو السفر   إن مصلحة المحضون تقتضي استقراره، ولذلك وضع النظام ضوابط على تنقل الحاضن:   أ. الانتقال داخل المملكة (المادة 128/2)   يسقط حق الأم في الحضانة إذا انتقلت إلى مكان بقصد الإقامة تفوت به مصلحة المحضون. المقصود: هذا الانتقال يجب أن يكون ضاراً بمصالح الطفل الأساسية، مثل حرمان المحضون من بيئته المدرسية، أو علاجه، أو حرمان الطرف الآخر (الأب) من رؤيته بسهولة، خاصة إذا كان الغرض من الانتقال هو الإضرار.   ب. السفر خارج المملكة (المادة 129)   حددت المادة (129) من النظام قيوداً صارمة على سفر الحاضن بالمحضون، سواء كانت الأم أو الأب: الحاضن (الأم أو الأب): لا يجوز للحاضن أن يسافر بالمحضون خارج المملكة مدة تزيد على تسعين يوماً في السنة إلا بموافقة الوالد الآخر، أو بموافقة الولي على النفس في حال وفاته. عدم الموافقة: إذا سافرت الأم بالمحضون خارج المملكة دون موافقة الأب، وتجاوزت المدة المحددة (90 يوماً)، فإن ذلك يشكل إخلالاً بواجبات الحضانة ويهدد حق الأب في الرؤية، مما يخول الأب رفع دعوى إسقاط الحضانة.   ثالثاً: الإهمال في المطالبة أو مخالفة حكم الرؤية     أ. السكوت عن المطالبة بالحضانة (المادة 128/3)   يسقط حق الأم في الحضانة إذا سكتت عن المطالبة بها مدة تزيد على سنة من غير عذر مقبول. المقصود: إذا لم تطالب الأم بالحضانة لمدة تزيد عن عام كامل بعد الانفصال، فإنه يُعتبر تنازلاً ضمنياً عن حقها، مما يتيح للأب المطالبة بتثبيت الحضانة له.   ب. منع الرؤية (الإخلال بالواجب)   على الرغم من أن النظام لا ينص صراحة على سقوط الحضانة كعقوبة مباشرة لمنع الرؤية، إلا أن منع الأم للأب من زيارة المحضون لمرات متتالية أو التعسف في تطبيق حكم الرؤية يُعد دليلاً على عدم استيفاء شرط القدرة على رعاية المحضون بشكل يخدم مصلحته النفسية، ويُعتبر سبباً قوياً يدخل تحت السلطة التقديرية للقاضي لإصدار حكم بإسقاط الحضانة عنها.   رابعاً: انتهاء الحضانة ببلوغ السن القانونية (المادة 135)   إن نهاية الحضانة ليست “سقوطاً” بمعنى العقوبة، بل هي نهاية طبيعية لوجوب الحضانة. سن التخيير (15 سنة): تنص المادة (135) من النظام على أنه إذا أتم المحضون الخامسة عشرة من عمره، فله الحق في الاختيار في الإقامة لدى أحد والديه، ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك. فإذا اختار الابن أو البنت الإقامة لدى الأب، تنتهي حضانة الأم. سن انتهاء الحضانة (18 سنة): تنتهي الحضانة بشكل نهائي إذا أتم المحضون ثمانية عشر عاماً، وهنا يصل المحضون سن الرشد ولا يكون لأي من الوالدين حق الحضانة عليه.   خلاصة: ميزان المصلحة العليا   في الختام، يُظهر نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد أن الحضانة حق للأم يهدف إلى توفير الرعاية المثلى للمحضون، ولكنه ليس حقاً غير قابل للإلغاء. تسقط حضانة الأم بشكل أساسي عند تخلف شروط الرعاية (العقل والأمانة)، أو عند زواجها من أجنبي، أو عند إقدامها على فعل يضر بمصلحة المحضون (كالسفر غير الموافق عليه أو الانتقال بقصد الإضرار). في جميع الحالات، تبقى مصلحة المحضون هي المعيار الأهم الذي يُعول عليه القاضي، حيث يمكن للقاضي ألا يسقط الحضانة عن الأم رغم تحقق سبب السقوط، إذا رأى في انتقال الحضانة ضرراً

سقوط حضانة الأم: المادة 128 من نظام الأحوال الشخصية السعودي قراءة المزيد »

الحضانة حق قابل للاسترداد: تحليل المادة (130) من نظام الأحوال الشخصية السعودي

 مقدمة: نظام الأحوال الشخصية ومرونة الحقوق الأسرية يُعد نظام الأحوال الشخصية السعودي، بكونه أحدث وأشمل قانون ينظم شؤون الأسرة، إطاراً تشريعياً يوازن بين الثوابت الشرعية والتطورات الاجتماعية، مع إيلاء مصلحة المحضون الفضلى الأولوية المطلقة. في هذا السياق، تأتي أحكام الحضانة لتنظم العلاقة بين الوالدين والمحضون بعد الانفصال. ولأن الحياة متغيرة والأهلية قد تزول ثم تعود، فقد وضع النظام مبدأً مرناً وضرورياً في المادة (130)، التي تنص على حق من سقطت عنه الحضانة في المطالبة بها مجدداً إذا زال سبب السقوط. هذا المبدأ يمثل صمام أمان قانونياً يمنع أن يكون إسقاط الحضانة عقوبة أبدية، بل يجعله إجراءً وقائياً مرتبطاً بظرف معين. هذا المقال يقدم تحليلاً معمقاً للمادة (130) ودورها في تحقيق العدالة، واستمرار العلاقة بين المحضون ووالديه أو مستحقيه.  المبدأ الجوهري: الحضانة ليست عقوبة دائمة تنص المادة (130) بوضوح على: “يجوز لمن سقط حقه في الحضانة أن يتقدم إلى المحكمة بطلبها مجدداً إذا زال سبب سقوطها عنه.” إن هذه المادة ترسخ قاعدة شرعية وقانونية مفادها أن حق الحضانة، بالرغم من أنه يُسقط في حالات محددة، ليس حقاً نهائياً غير قابل للعودة. إن سقوط الحضانة هو تدبير وقائي هدفه حماية المحضون من ضرر قائم أو محتمل، وليس عقاباً دائماً على الحاضن.    شروط سقوط الحضانة (الخلفية القانونية)   لتفهم المادة (130)، يجب استعراض أبرز الأسباب التي تُسقط الحضانة (والتي وردت في مواد سابقة مثل المادة 128)، وهي تشمل غالباً: انعدام الأهلية: كالإصابة بمرض عقلي أو جنون يمنع القيام بمتطلبات الرعاية. الإهمال أو الضرر: ثبوت إهمال المحضون أو تعريضه للخطر أو الضرر البدني أو النفسي. زواج الأم من أجنبي: زواج الأم من رجل أجنبي عن المحضون، ما لم تقتضِ مصلحة المحضون البقاء معها (وهذا الحكم أصبح مرتبطاً بمصلحة المحضون ولم يعد سبباً تلقائياً للإسقاط). عدم المطالبة: الامتناع عن المطالبة بالحضانة لمدة تزيد على سنة دون عذر مقبول (ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك). الانتقال غير المشروع: السفر بالمحضون إلى خارج المملكة بما يخالف الضوابط المقررة (كالمادة 134).    جوهر المادة (130): زوال السبب كشرط للاستعادة   تشترط المادة (130) شرطاً واحداً لإمكانية المطالبة بالحضانة مجدداً، وهو: أن يزول سبب السقوط. سبب السقوط الأصلي مثال على زوال السبب انعدام الأهلية شفاء الحاضن من المرض العقلي أو الجسدي المانع للرعاية، وثبوت ذلك بتقرير طبي معتمد. الإهمال أو سوء السلوك ثبوت استقامة سلوك الحاضن، زوال البيئة الضارة، أو حصوله على عمل مستقر يوفر له القدرة على الرعاية. الامتناع عن المطالبة زوال العذر الذي منع الحاضن من المطالبة (كأن يكون خارج المملكة لظرف قاهر أو يعاني من مرض). زواج الأم من أجنبي انتهاء العلاقة الزوجية من الزوج الأجنبي (الطلاق أو الوفاة)، مما يزيل العلة الرئيسية لسقوط الحضانة. الإجراءات القضائية لطلب استرداد الحضانة المادة (130) تمنح “الحق في التقدم بطلب”، وهذا يعني أن عملية استرداد الحضانة ليست تلقائية، بل تتطلب دعوى قضائية جديدة يتم رفعها إلى محكمة الأحوال الشخصية.    دور المحكمة التقديري ومبدأ الموازنة   لا يعني زوال سبب السقوط الحكم التلقائي بعودة الحضانة. هنا يبرز الدور الجوهري للقاضي، الذي يقوم بـ: التأكد من الزوال الفعلي للسبب: يجب على القاضي التحقق بشكل قاطع من أن السبب الذي أدى إلى إسقاط الحضانة قد زال فعلاً، ويتم ذلك من خلال الأدلة والبينات (كالتقارير الطبية، الأدلة على الاستقرار المالي والاجتماعي، شهادة الشهود، إلخ). تقييم مصلحة المحضون الفضلى: حتى بعد زوال السبب، يجب على القاضي أن ينظر في مصلحة المحضون. فقد يكون زوال سبب السقوط قد حدث، لكن بقاء المحضون مع الحاضن الحالي (الذي انتقلت إليه الحضانة) قد أصبح أكثر استقراراً لمصلحة المحضون، وتغيير الحضانة قد يضر به. في هذه الحالة، يمكن للقاضي رفض الطلب بناءً على المصلحة الفضلى للطفل. مقارنة الظروف: يقوم القاضي بمقارنة ظروف طالب الحضانة المستردة بظروف الحاضن الحالي، ويختار الطرف الذي يوفر البيئة الأفضل والأكثر استقراراً للمحضون.  الآثار القانونية والاجتماعية للمادة (130) إن هذا النص القانوني يحمل في طياته آثاراً عميقة على صعيد العدالة الأسرية والمجتمعية:    تشجيع على الإصلاح والتحسين   تعد هذه المادة حافزاً لمن سقط حقه في الحضانة على إصلاح وضعه. على سبيل المثال، إذا سقطت الحضانة بسبب الإهمال نتيجة الإدمان أو سوء السلوك، فإن المادة (130) تمنح فرصة للمضي قدماً في العلاج وتغيير نمط الحياة، مع العلم بأن استعادة حق الأبوة والأمومة في الحضانة ممكنة بعد إثبات الإصلاح. هذا يخدم المجتمع والأسرة بشكل عام.    حماية الحقوق الوالدية الأصيلة   تعكس المادة (130) الاعتراف بأن حق الحضانة هو حق فطري وأصيل للوالدين (الأم والأب)، ولا يجب أن يُحرم منهما بشكل دائم إلا للضرورة القصوى. فإذا تمكن الوالد أو الوالدة من استعادة أهليتهما، فإن حقهما في الرعاية يجب أن يُستعاد، خصوصاً وأن الأحقية في الحضانة تبدأ بهما على الترتيب: الأم ثم الأب (وفقاً للمادة 127).    إرساء مبدأ العدالة المرنة   تُرسخ المادة (130) مبدأ “العدالة المرنة” في القضاء السعودي. فهي تمنع الجمود القانوني وتسمح للقضاء بالتعامل مع التغيرات الحياتية للأفراد. بدلاً من الحكم المطلق الذي لا رجعة فيه، يتيح النظام فرصة ثانية لمن ثبتت أهليته وقدرته على تحمل المسؤولية مجدداً. الخلاصة: تُمثل المادة (130) من نظام الأحوال الشخصية السعودي أساساً قانونياً متيناً يضمن أن تكون أحكام الحضانة خاضعة للتغيير والتطور وفقاً لظروف الأفراد. إنها تمنح من سقط حقه في الحضانة ضوءاً أخضراً للمضي قدماً في إصلاح حياته، مع التأكيد على أن حق رعاية الأبناء يمكن استعادته بمجرد زوال السبب الذي أدى إلى الإسقاط، شريطة أن يثبت أمام المحكمة أن هذا الاسترداد يصب بالكامل في مصلحة المحضون الفضلى، وهو الهدف الأسمى الذي يسعى إليه النظام بأكمله. “لقراءة المقالات ذات الصلة، يُرجى الدخول عبر الروابط التالية:” ⚖️ الحضانة في النظام السعودي: تحليل المادتين (124) و (125) وشروط الحاضن نظام الحضانة السعودي الجديد (المادة 127): الأم أولاً ومبدأ “مصلحة المحضون فوق الجميع” “لقراءة المقالات الخارجية والاطلاع على النصوص الرسمية لنظام الأحوال الشخصية السعودي، يُرجى الدخول عبر الروابط التالية:” نظام الاحوال الشخصية السعودي  

الحضانة حق قابل للاسترداد: تحليل المادة (130) من نظام الأحوال الشخصية السعودي قراءة المزيد »

نظام الحضانة السعودي الجديد (المادة 127): الأم أولاً ومبدأ “مصلحة المحضون فوق الجميع”

المادة المحورية: تحليل معمق للمادة (127) من نظام الأحوال الشخصية   يُمثل نظام الأحوال الشخصية السعودي، الصادر حديثاً، نقلة تشريعية نوعية نحو إرساء قواعد قانونية واضحة وموحدة للقضايا الأسرية. وفي قلب هذه التشريعات تأتي أحكام الحضانة، التي تُعتبر العمود الفقري لضمان مستقبل الأطفال بعد انفصال الوالدين. وتُعد المادة (127) بعد المائة من هذا النظام هي المادة المحورية التي وضعت الأساس لأولوية الحضانة وترتيب الأحق بها، مع تأكيدها المطلق على مبدأ مصلحة المحضون. إن فهم هذه المادة ليس مجرد إلمام بنص قانوني، بل هو استيعاب للفلسفة التشريعية الحديثة في المملكة، التي تضع رعاية الوِفاق و حق الصغير في مقدمة الأولويات.   الفصل الأول: الحضانة قبل الانفصال – واجب الوالدين المشترك   تبدأ المادة (127) بترسيخ مبدأ أساسي يتمثل في المسؤولية المشتركة: “الحضانة من واجبات الوالدين معاً ما دامت الزوجية قائمة بينهما…” هذا النص يحدد الإطار القانوني للعلاقة الزوجية القائمة، مؤكداً أن الحضانة ليست حقاً قابلاً للمطالبة به أو النزاع عليه ما دام الوفاق قائماً، بل هي واجب ومسؤولية تضامنية تقع على عاتق الأب والأم على حد سواء. ويُقصد بالحضانة، كما عرفها النظام (في المادة 124)، أنها: “حفظ من لا يستقل بنفسه عما يضره، وتربيته والقيام على مصالحه بما في ذلك التعليم والعلاج”. وبالتالي، فإن الواجب المشترك يشمل كل جوانب الرعاية: النفسية، الصحية، التعليمية، والاجتماعية.   الفصل الثاني: المادة (127) وتحديد ترتيب الأحقية بعد الافتراق   الجزء الثاني من المادة (127) يضع الترتيب النظامي لمن له الأحقية في الحضانة في حال وقوع الانفصال أو الطلاق: “…فإن افترقا فتكون الحضانة للأم، ثم الأحق بها على الترتيب الآتي: الأب، ثم أم الأم، ثم أم الأب، ثم تقرر المحكمة ما ترى فيه مصلحة المحضون…” هذا الترتيب يُمثل نقطة تحول هامة في التشريع السعودي، حيث تم تدوين وتأكيد الأحقية بالترتيب التالي:   1. الأم (المرتبة الأولى)   النظام وضع الأم في المرتبة الأولى بشكل قاطع، إدراكاً لأهميتها في سنوات الطفل الأولى وارتباطه العاطفي والجسدي بها. الأحقية للأم هنا هي الأصل، ولا يمكن نقل الحضانة عنها إلا بوجود مسوغ نظامي قوي يقتضي خلاف ذلك، أو بثبوت عدم توافر شروط الحضانة فيها (كالصلاحية والأمانة).   2. الأب (المرتبة الثانية)   يأتي الأب في المرتبة الثانية مباشرة بعد الأم. وهذا الترتيب القانوني يعكس دوره الأساسي والمحوري كولي ومنفق وراعٍ. وبشكل عملي، تنتقل إليه الحضانة في حال سقوطها نظاماً عن الأم (مثل زواجها من أجنبي أو إخلالها بشروط الحضانة العامة).   3. أم الأم (الجدة من طرف الأم) (المرتبة الثالثة)   تأتي الجدة من طرف الأم (والدة الأم) في المرتبة الثالثة. هذا الترتيب يستند إلى غالباً على عنصر الشفقة والقرابة المباشرة، ويُفضل إسناد الحضانة إليها في حال سقوطها عن الوالدين معاً، خاصة في السن الصغير الذي يحتاج إلى رعاية أنثوية مباشرة.   4. أم الأب (الجدة من طرف الأب) (المرتبة الرابعة)   تحتل الجدة من طرف الأب المرتبة الرابعة. وإذا سقطت الحضانة عن جميع المذكورين أعلاه، تستمر الأولوية للمحارم من النساء على التوالي، ثم العصبة حسب ترتيب الإرث.   الفصل الثالث: الثابت الأسمى – مصلحة المحضون   العبارة الأكثر قوة وتأثيراً في المادة (127) هي الخاتمة: “…ثم تقرر المحكمة ما ترى فيه مصلحة المحضون…” هذه العبارة ليست مجرد إضافة، بل هي القاعدة الذهبية والمبدأ الأسمى الذي يحكم جميع قرارات الحضانة في القضاء السعودي. إنها تمنح القاضي سلطة تقديرية واسعة ليتجاوز الترتيب المنصوص عليه (الأم ثم الأب… إلخ) إذا ثبت أن مصلحة الطفل تقتضي خلاف ذلك.   أبعاد مبدأ “مصلحة المحضون”:   البعد النفسي والاجتماعي: يشمل استقرار الطفل، بيئته التعليمية، قربه من إخوته، وقدرة الحاضن على توفير الرعاية العاطفية والنفسية. البعد الصحي: قدرة الحاضن على تلبية الاحتياجات الصحية للمحضون وسلامته من الأمراض المعدية (شرط أساسي في الحاضن بموجب النظام). البعد المادي: توفير المسكن الملائم والبيئة المستقرة، مع العلم بأن النفقة تظل واجبة على الأب بغض النظر عن الحاضن. في التطبيق العملي، يميل القضاء إلى عدم إسقاط حضانة الأم للأطفال الصغار (الأقل من سبع سنوات) حتى لو تزوجت، إذا لم يثبت وجود ضرر على الطفل، لأن المصلحة في هذا السن تقتضي بقاء الطفل في حضن والدته.   الفصل الرابع: الحالات الاستثنائية والارتباط بالمواد الأخرى   المادة (127) لا تعمل بمعزل عن باقي مواد النظام. فهي ترتبط بشكل وثيق بالمادة (126) والمادة (128) التي تحدد شروط الحاضن وحالات سقوط الحضانة:   1. شروط الحاضن (المادة 126 وما يماثلها):   يجب أن تتوفر في كل من يطالب بالحضانة شروط عامة، أبرزها: كمال الأهلية (البلوغ والعقل). القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته. السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة. بالنسبة للمرأة الحاضنة: ألا تكون متزوجة برجل أجنبي عن المحضون، ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك.   2. حالات سقوط الحضانة (المادة 128):   تخلف أي من الشروط الواجب توافرها في الحاضن. انتقال الحاضن إلى مكان بقصد الإقامة تفوت به مصلحة المحضون (ما يعرف بـ “النقلة”). سكون مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة تزيد على سنة من غير عذر (ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك).   3. حق المحضون في الاختيار (المادة 135):   عند إتمام المحضون سن الخامسة عشرة (15 عاماً)، يمنحه النظام حق الاختيار في الإقامة لدى أحد والديه، ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك. وتنتهي الحضانة بالكامل عند بلوغ سن الثامنة عشرة (18 عاماً) إلا في حالات العجز أو المرض المقعد.   الفصل الخامس: الأثر الاجتماعي والتشريعي للمادة 127   إن المادة (127) بما حملته من ترتيب واضح للأحقية، وخاصة وضع الأم في المقام الأول، قد عززت من الاستقرار النفسي والاجتماعي للطفل، وقللت من النزاعات القضائية حول تحديد الحاضن الأصلي. لقد وضعت هذه المادة الأساس لـ “مسار الرعاية الآمنة” للأطفال، ووجهت الرسالة الواضحة بأن حقوق الوالدين تأتي في المرتبة الثانية بعد ضمان سلامة وسعادة حق الصغير، وهو ما يتفق مع التوجهات القانونية الدولية الحديثة التي تجعل مصلحة الطفل هي المعيار الحاكم في القضاء الأسري. في الختام، تبقى المادة (127) هي النبراس الذي يضيء طريق الفصل في قضايا الحضانة، حيث يظل تقدير المحكمة لمصلحة المحضون هو الفيصل النهائي والضامن لعدالة وشمولية التطبيق القانوني. “للاطلاع على شروحات وتفاصيل نظام الحضانة السعودي، تفضل بالدخول إلى مقالاتنا عبر الرابط في الأعلى.” ⚖️ الحضانة في النظام السعودي: تحليل المادتين (124) و (125) وشروط الحاضن الحضانة حق قابل للاسترداد: تحليل المادة (130) من نظام الأحوال الشخصية السعودي سقوط حضانة الأم: المادة 128 من نظام الأحوال الشخصية السعودي “للتأكد من الأحكام مباشرة من المصدر: يُرجى مراجعة نظام الأحوال الشخصية السعودي كاملاً عبر الرابط الخارجي الموثوق.” نظام الاحوال الشخصية السعودي   

نظام الحضانة السعودي الجديد (المادة 127): الأم أولاً ومبدأ “مصلحة المحضون فوق الجميع” قراءة المزيد »

⚖️ الحضانة في النظام السعودي: تحليل المادتين (124) و (125) وشروط الحاضن

بقلم: المحامي يوسف الخضوري شهدت المملكة العربية السعودية إصلاحات تشريعية عميقة كان نظام الأحوال الشخصية أحد أبرزها، حيث جاء هذا النظام ليؤصل الأحكام الشرعية وينظمها في نصوص واضحة تضمن استقرار الأسرة وتحقيق مصالح الأفراد. ومن أهم الأبواب التي نالت اهتماماً خاصاً كان باب “الحضانة”، الذي يعتبر حجر الزاوية في حماية ورعاية الأبناء بعد انفصال الوالدين. في هذا المقال، سنتعمق في تحليل المادتين (124) و (125) من نظام الأحوال الشخصية السعودي، اللتين ترسمان الإطار العام والخاص لمفهوم الحضانة وشروط الحاضن، مستعرضين دلالاتهما القانونية والتطبيق العملي لهما.   أولاً: الحضانة تعريفاً وغرضاً – تحليل المادة (124)   تنص المادة الرابعة والعشرون بعد المائة (124) من نظام الأحوال الشخصية السعودي على: “الحضانة هي حفظ من لا يستقل بنفسه عما يضره، وتربيته والقيام على مصالحه بما في ذلك التعليم والعلاج.” إن هذا النص القانوني لم يكتفِ بوضع تعريف أكاديمي للحضانة، بل جسّد الرؤية النظامية العميقة لغرضها الأساسي، وهو مصلحة المحضون الفضلى.   أ. الجانب الوقائي: “حفظ من لا يستقل بنفسه عما يضره”   يشير هذا الجزء من التعريف إلى الدور الوقائي للحضانة. فالطفل (المحضون) هو شخص غير مميز وغير قادر على إدارة شؤونه بشكل مستقل حتى بلوغ سن معينة. الحضانة هنا هي درع الحماية الذي يمنعه من التعرض للمخاطر المادية أو المعنوية أو النفسية. الدلالة: يترتب على هذا أن أي وضع أو بيئة يُثبت قضائياً أنها قد تُعرض المحضون للضرر (سواء كان ضرراً جسدياً، كمسكن غير آمن، أو ضرراً نفسياً، كبيئة عائلية مضطربة جداً) يمكن أن يكون سبباً مباشراً لنزع الحضانة، حتى لو كان الحاضن هو الطرف الأحق بها نظامياً.   ب. الجانب التنموي: “وتربيته والقيام على مصالحه”   هذا هو الجانب الإيجابي والنشط من الحضانة. فالغرض ليس مجرد “الحفظ المادي” للطفل، بل يشمل: التربية: غرس القيم والأخلاق والمبادئ التي تتوافق مع ثقافة المجتمع. القيام على المصالح: وهو مفهوم واسع يشمل توفير الحاجات الأساسية والكمالية التي تضمن حياة كريمة وسوية للمحضون.   ج. الجانب الإلزامي: “بما في ذلك التعليم والعلاج”   من خلال النص الصريح على “التعليم والعلاج”، يؤكد النظام على أن هذين الجانبين ليسا مجرد خيار، بل هما التزام أساسي على الحاضن. يجب على الحاضن أن يضمن حصول المحضون على تعليم مناسب وعلى رعاية صحية كاملة. هذا يربط التزام الحاضن بالتزامات الإنفاق والنفقة المترتبة على ولي الأمر مالياً. التحليل: هذا التعريف الشامل يؤكد أن المحكمة في قضايا الحضانة لا تنظر فقط إلى الترتيب النظامي للأحقية، بل تنظر أولاً وأخيراً إلى مدى قدرة الحاضن على تحقيق هذا التعريف بأركانه الثلاثة (الحفظ، التربية، وتوفير المصالح الأساسية).   ثانياً: شروط الحاضن – تحليل المادة (125)   تنص المادة الخامسة والعشرون بعد المائة (125) من نظام الأحوال الشخصية السعودي على: “يشترط أن تتوافر في شروط الحاضن الآتية: 1. كمال الأهلية. 2. القدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته. 3. السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة.” تضع هذه المادة ثلاثة شروط أساسية لا بد من توافرها في أي شخص يتولى مسؤولية الحضانة، وهي شروط تهدف إلى تحقيق سلامة المحضون العقلية والجسدية والنفسية.   1. كمال الأهلية (العقل والإدراك)   يشترط في الحاضن أن يكون كامل الأهلية، أي بالغاً وعاقلاً. الدلالة القانونية: البلوغ: لا يمكن للصغير أو القاصر أن يكون مسؤولاً عن حضانة غيره. العقل: يُستبعد من الحضانة كل من يعاني من جنون أو عته أو اضطرابات عقلية حادة تمنعه من الإدراك الكامل لمسؤولياته. الأثر العملي: هذا الشرط يضمن أن الحاضن لديه القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة المتعلقة بالتربية والتعليم والتصرف السليم في المواقف التي تخص المحضون.   2. القدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته (القدرة البدنية والنفسية)   هذا الشرط هو الأوسع والأكثر مرونة في التقييم القضائي، ويتعلق بالقدرة الفعلية والمادية للحاضن. ماذا تشمل القدرة؟ القدرة البدنية: أن يكون الحاضن قادراً جسدياً على العناية بالطفل، خصوصاً في المراحل العمرية المبكرة. القدرة النفسية والسلوكية: سلامة الحاضن من الانحرافات الأخلاقية أو السلوكية أو الإدمان، وأن يكون ذا سلوك مستقيم. القدرة الزمنية والاهتمام: أن يكون لديه الوقت الكافي لتوفير الرعاية اليومية اللازمة. لا يكفي أن يكون قادراً مالياً، بل يجب أن يكون قادراً على توفير الرعاية الشخصية. التقييم القضائي (المحامي يوسف الخضوري): يتم تقييم هذا الشرط من قبل المحكمة بناءً على البينات والتقارير المقدمة، وقد تستعين المحكمة بتقارير اجتماعية ونفسية لتحديد ما إذا كانت البيئة التي يوفرها الحاضن تحقق مصلحة المحضون الفضلى.   3. السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة (الصحة العامة)   هذا الشرط يهدف إلى حماية المحضون من أي خطر صحي مباشر. الدلالة: يُشترط أن يكون الحاضن سليماً من أي أمراض قد تُعدي المحضون أو تعيقه عن القيام بمهام الحضانة بشكل كامل. هذا الشرط يُظهر اهتمام النظام بالسلامة الصحية والبيئية للطفل. تنبيه هام: المرض العادي أو المزمن الذي لا يعيق الرعاية ولا ينتقل بالعدوى لا يسقط حق الحضانة. القرار يعتمد على تقدير المحكمة لـ مدى خطورة المرض وتأثيره المباشر على رعاية المحضون.   ثالثاً: أهمية هذه المواد لمصلحة المحضون الفضلى   إن نظام الأحوال الشخصية، من خلال المادتين (124) و (125)، يرسخ مبدأ أن الحضانة ليست “حقاً” شخصياً خالصاً للوالدين، بل هي واجب ومسؤولية قانونية تجاه المحضون. نصيحتي كمحامٍ يوسف الخضوري: عند إعداد ملفات قضايا الحضانة، يجب التركيز على تبيان مدى توافر أو انعدام هذه الشروط في الطرف الآخر. فالحجة القوية ليست في تكرار أحقية الأم أو الأب نظامياً، بل في إثبات أن الطرف المطالب بالحضانة هو من يجسد فعلياً التعريف الوارد في المادة (124) ويستوفي الشروط الجوهرية الواردة في المادة (125). إن مفتاح الحضانة يكمن في إثبات “القدرة” و “الصلاحية” لضمان مستقبل سليم للطفل. إن النظام السعودي يضع بذلك أسساً متينة تجعل مصلحة الطفل هي البوصلة الرئيسية التي توجه كل قرار قضائي في قضايا الأحوال الشخصية. “لا تفوّت القراءة: مقالات متخصصة ذات صلة مباشرة.”  نظام الحضانة السعودي الجديد (المادة 127): الأم أولاً ومبدأ “مصلحة المحضون فوق الجميع”   “للاطلاع على النص الكامل لنظام الأحوال الشخصية، انقر هنا: 👇” نظام الاحوال الشخصية السعودي  

⚖️ الحضانة في النظام السعودي: تحليل المادتين (124) و (125) وشروط الحاضن قراءة المزيد »