المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

 قانون المعاملات المدنية العماني والقوة القاهرة

يتناول قانون المعاملات المدنية العماني العديد من الجوانب المتعلقة بالعلاقات المدنية بين الأفراد والكيانات المختلفة. من بين المواد التي تثير اهتمامًا خاصًا هي المواد المتعلقة بالقوة القاهرة، والتي تعتبر عنصرًا مهمًا في تحديد المسؤوليات والالتزامات في حالة وقوع أحداث غير متوقعة تؤدي إلى عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات التعاقدية.

                                                                                                                           

                                                                                                                             “القوة القاهرة ترفع المسؤولية عن التعويض.”

 مفهوم القوة القاهرة في القانون العماني

تُعرَّف القوة القاهرة بأنها أي حدث خارج عن إرادة الأطراف المتعاقدة، لا يمكن توقعه أو تجنبه، ويجعل تنفيذ الالتزامات التعاقدية مستحيلاً أو صعبًا بشكل غير معقول. في القانون العماني، تعتبر القوة القاهرة مبررًا للإعفاء من المسؤولية التعويضية في حالة عدم القدرة على تنفيذ الالتزامات.

 المادة (١٧٧) من قانون المعاملات المدنية

تنص المادة (١٧٧) من قانون المعاملات المدنية العماني على أن الشخص ليس ملزمًا بالتعويض إذا أثبت أن الضرر نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، مثل كارثة طبيعية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو فعل المضرور. ومع ذلك، يمكن أن يشترط القانون أو الاتفاق غير ذلك.

 تحليل المادة (١٧٧)

– **الإعفاء من المسؤولية**: توضح المادة (١٧٧) أن الشخص يمكن أن يُعفى من المسؤولية التعويضية إذا كان الضرر ناتجًا عن عوامل خارجية لا يمكن السيطرة عليها. يشمل ذلك الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات، والحوادث الفجائية مثل الحرائق غير المتوقعة، وأفعال الطرف الآخر.

– **الاستثناءات**: بالرغم من أن المادة تمنح إعفاءً عامًا من المسؤولية، إلا أنها تفتح المجال لاحتمالية وجود شروط قانونية أو تعاقدية مخالفة. هذا يعني أنه يمكن للطرفين الاتفاق على تحمل المسؤولية حتى في حالات القوة القاهرة إذا نص العقد على ذلك.

المادة (١٧٦) وأهمية التمييز بين الفاعل والمتسبب

تتعلق المادة (١٧٦) بالأضرار التي يسببها الشخص للغير وتلزم الفاعل بالتعويض حتى لو كان غير مميز. تميز المادة بين الإضرار بالمباشرة والإضرار بالتسبب، حيث تقتضي التعويض في كلا الحالتين إذا توفر التعدي.

 تحليل المادة (١٧٦)

الإضرار بالمباشرة: يلزم الفاعل بالتعويض بمجرد وقوع الإضرار حتى وإن لم يكن هناك تعدٍ مباشر. هذا يعكس التزام القانون بتعويض الضرر بصرف النظر عن طبيعة الفعل.

الإضرار بالتسبب: هنا، يتطلب الأمر إثبات التعدي ليكون هناك إلزام بالتعويض. هذا يشير إلى أن القانون يميز بين الأفعال المباشرة وغير المباشرة في سياق الضرر.

 تطبيقات القوة القاهرة في القانون العماني

تعتبر القوة القاهرة ذات أهمية كبيرة في العديد من العقود، مثل عقود الإنشاءات والعقود التجارية. في حال وقوع حدث يعتبر قوة قاهرة، يمكن للأطراف طلب تمديد المهل الزمنية أو حتى إعفاء من بعض الالتزامات التعاقدية.

 الإجراءات الواجب اتباعها

عند وقوع حدث يعتقد أنه قوة قاهرة، يجب على الطرف المتأثر إعلام الطرف الآخر فورًا، وتقديم الأدلة اللازمة التي تثبت أن الحدث خارج عن إرادته. يجب أيضًا محاولة تقليل الأضرار ما أمكن.

 التحديات والاعتبارات

في النهاية، يمثل تحديد ما إذا كان الحدث يشكل قوة قاهرة تحديًا قانونيًا يتطلب تحليلًا دقيقًا. قد تختلف التفسيرات بناءً على الظروف المحددة لكل حالة، والاتفاقيات التعاقدية، والسوابق القضائية.

الخلاصة

يلعب مفهوم القوة القاهرة دورًا حيويًا في قانون المعاملات المدنية العماني، حيث يوفر لأطراف العقود حلاً لتجنب المسؤولية في حالات الأحداث غير المتوقعة التي تعيق تنفيذ الالتزامات. يتطلب الأمر من الأطراف تفهمًا دقيقًا للمادة (١٧٧) وتطبيقاتها العملية لضمان حماية حقوقهم ومصالحهم التعاقدية.

 أهمية القوة القاهرة في السياق العماني

تعتبر القوة القاهرة ذات أهمية خاصة في عمان نظرًا لطبيعة البلاد الجغرافية والمناخية. فالعمانيون يواجهون تحديات طبيعية مثل الأعاصير والفيضانات التي يمكن أن تؤدي إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية والتجارية. لذا، فإن الإلمام بتطبيقات القوة القاهرة يساهم في توفير إطار قانوني واضح لحماية الأطراف المتعاقدة.

 الأمثلة العملية على تطبيق القوة القاهرة

قطاع الإنشاءات: في حالات تأخر المشاريع بسبب أحداث غير متوقعة كالأعاصير، يمكن للمقاولين الحصول على تمديد للمواعيد النهائية دون تحمل غرامات.

العقود التجارية: عند تعطيل سلاسل التوريد بسبب الكوارث الطبيعية، يمكن للأطراف التفاوض على شروط جديدة لاستئناف العقود.

 الاستنتاجات والتوصيات

من المهم للأطراف المتعاقدة في عمان أن تضع في اعتبارها شروط القوة القاهرة عند صياغة العقود. ينبغي عليهم أيضًا الاطلاع على التطورات القانونية والممارسات الفضلى في التعامل مع حالات القوة القاهرة لضمان حماية مصالحهم. علاوة على ذلك، يجب على الجهات القانونية العمانية توفير توجيهات واضحة ومتجددة بشأن تفسير وتطبيق نصوص القوة القاهرة في القانون لضمان عدالة وشفافية العمليات القانونية.

روابط المقالات القانونية/   قانون المعاملات المدنية العماني والقوة القاهرة

linktr.ee/LawyerYusuf

قانون المعاملات المدنية العمانيhttps://qanoon.om/p/2013/rd2013029/