المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

تقادم دعوى التعويض في القانون العماني – المادة 185 بوضوح

بقلم المحامي والمحكم/ يوسف الخضوري

تعرف على تقادم دعوى التعويض في القانون العماني ومتى يسقط حقك في المطالبة

مقدمة:

تعتبر دعوى التعويض عن الفعل الضار من أهم الدعاوى المدنية التي تهدف إلى جبر الضرر اللاحق بالغير نتيجة فعل خاطئ أدى إلى إلحاق الأذى به. وقد نظم قانون المعاملات المدنية العماني هذه الدعوى في الفصل الثالث منه، وتناول في الفرع الأول أحكاماً عامة تتعلق بها، كان من أبرزها ما نصت عليه المادة (١٨٥) بشأن تقادم هذه الدعوى. إن فهم هذه المادة وتحليلها بعمق يعد أمراً بالغ الأهمية للممارسين القانونيين والقضاة والأفراد على حد سواء، لما لها من تأثير مباشر على حقوق المتضررين والتزامات المسؤولين عن الضرر.

يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل معمق وشامل لأحكام المادة (١٨٥) من *قانون المعاملات المدنية العماني، مع تسليط الضوء على مختلف جوانبها وتفسير دلالاتها القانونية، بالإضافة إلى إبراز أهميتها العملية في *القانون العماني.

البنية القانونية للمادة (١٨٥): ثلاثة محاور زمنية للتقادم

تتكون المادة (١٨٥) من ثلاث فقرات متكاملة، تحدد كل منها مدة تقادم مختلفة لدعوى التعويض عن الفعل الضار، مما يعكس حرص المشرع العماني على تحقيق التوازن بين حماية حقوق المتضررين واستقرار المراكز القانونية.

الفقرة الأولى: التقادم الخمسي المستند إلى العلم بالضرر والمسؤول

تنص الفقرة الأولى على أنه: “لا تسمع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بعد انقضاء خمس سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالمسؤول عنه.”

تؤسس هذه الفقرة قاعدة أساسية لتقادم دعوى التعويض، وهي التقادم بمرور *خمس سنوات. إلا أن نقطة بدء احتساب هذه المدة ليست تاريخ وقوع *الفعل الضار ذاته، بل هي تاريخ تحقق شرطين أساسيين:

  1. علم المضرور بحدوث الضرر: يجب أن يكون المتضرر على علم يقيني بوقوع الضرر الذي لحق به. ولا يكفي مجرد الشك أو الاحتمال، بل يجب أن يصل علمه إلى درجة اليقين.
  2. علم المضرور بالشخص المسؤول عن الضرر: بالإضافة إلى العلم بالضرر، يجب أن يكون المتضرر على علم بالشخص أو الجهة التي تتحمل مسؤولية هذا الضرر. وقد يكون هذا العلم صريحاً أو ضمنياً يستنتج من الظروف المحيطة بالواقعة.

يترتب على ذلك أن مدة التقادم الخمسي لا تبدأ في السريان إلا بتحقق هذين الشرطين مجتمعين. فإذا علم المضرور بالضرر في تاريخ لاحق لوقوعه، أو إذا علم بالمسؤول عنه في تاريخ لاحق لعلمه بالضرر، فإن مدة التقادم تبدأ من تاريخ العلم اللاحق. وهذا الحكم يراعي الظروف التي قد يجهل فيها المتضرر حقيقة الضرر أو المسؤول عنه لفترة من الزمن.

الفقرة الثانية: استثناء التقادم في حالة قيام الدعوى الجزائية

تورد الفقرة الثانية استثناءً هاماً على قاعدة التقادم الخمسي المنصوص عليها في الفقرة الأولى، حيث تنص على أنه: “إذا كانت دعوى التعويض ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجزائية ما تزال قائمة بعد انقضاء الميعاد المذكور في الفقرة السابقة فإن دعوى التعويض لا يمتنع سماعها إلا بامتناع سماع الدعوى الجزائية.”

يقيم هذا الاستثناء رابطة وثيقة بين الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض و الدعوى الجزائية الناشئة عن ذات الفعل الضار الذي يشكل جريمة. فإذا كانت الدعوى الجزائية لا تزال قيد النظر أمام المحاكم الجزائية بعد انقضاء الخمس سنوات المنصوص عليها في الفقرة الأولى، فإن الدعوى المدنية بالتعويض تظل مسموعة ولا يسري عليها التقادم إلا بانتهاء الدعوى الجزائية بالتقادم أو بصدور حكم بات فيها.

يهدف هذا الاستثناء إلى تحقيق عدة أغراض، من أهمها:

الفقرة الثالثة: التقادم المطلق بخمس عشرة سنة

تضع الفقرة الثالثة حداً أقصى لمدة تقادم دعوى التعويض في جميع الأحوال، حيث تنص على أنه: “لا تسمع دعوى التعويض في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع الفعل الضار.”

تقرر هذه الفقرة مدة تقادم مطلقة قدرها خمس عشرة سنة تبدأ من يوم وقوع الفعل الضار بغض النظر عن تاريخ علم المضرور بالضرر أو بالمسؤول عنه. يعتبر هذا التقادم بمثابة سقف زمني نهائي لا يمكن تجاوزه، ويهدف إلى تحقيق الاستقرار القانوني وعدم إبقاء المسؤولية المدنية معلقة إلى أجل غير مسمى.

وبالتالي، حتى لو لم يعلم المضرور بالضرر أو بالمسؤول عنه إلا بعد مرور أكثر من عشر سنوات على وقوع *الفعل الضار، فإن حقه في رفع دعوى التعويض يسقط بانقضاء *خمس عشرة سنة من تاريخ وقوع الفعل.

الأهمية العملية للمادة (١٨٥) في القانون العماني

تكتسب المادة (١٨٥) أهمية عملية كبيرة في النظام القانوني العماني، حيث تؤثر بشكل مباشر على حقوق الأفراد والشركات في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بهم. ويتجلى ذلك في عدة جوانب:

خاتمة:

ختاماً، يمكن القول إن المادة (١٨٥) من قانون المعاملات المدنية العماني تمثل نصاً قانونياً هاماً ينظم مسألة تقادم دعوى التعويض عن الفعل الضار في سلطنة عمان. وقد حرص المشرع العماني من خلال هذه المادة على تحقيق التوازن بين حماية حقوق المتضررين ومنحهم مدة معقولة للمطالبة بالتعويض، وبين تحقيق الاستقرار القانوني وعدم إبقاء المسؤولية المدنية معلقة إلى أجل غير مسمى.

إن فهم دقيق لأحكام هذه المادة، ومراعاة مدد التقادم المختلفة المنصوص عليها فيها، يعتبر أمراً ضرورياً للمحامين والقضاة والأفراد على حد سواء، لضمان تطبيق القانون بشكل صحيح وحماية الحقوق والمصالح المشروعة. ويبقى الاجتهاد القضائي والفقهي المستنير هو السبيل الأمثل لتفسير وتطبيق هذه المادة على الوجه الصحيح في مختلف الحالات والنزاعات التي تعرض على القضاء العماني.

https://law-yuosif.com/تقدير-التعويض-عن-الإصابة-سلطنة-عمان-ب/

https://linktr.ee/LawyerYusuf

http://\https://qanoon.om/p/2013/rd2013029/

https://law-yuosif.com/تقديم-شكوى-الادعاء-العام-في-سلطنة-عمان/

https://law-yuosif.com/تحميل-نموذج-شكوى-حماية-المستهلك-عمان/

Exit mobile version