المحامي يوسف الخضوري | استشارات قانونية

Elementor #3663

التعويض في النظام السعودي حماية الحقوق وجبر الضرر

يُعد مبدأ التعويض في النظام القانوني السعودي ركيزة أساسية لحماية الحقوق وجبر الأضرار التي تلحق بالأفراد والمؤسسات نتيجة أفعال الغير أو الظروف المختلفة. يهدف التعويض إلى إعادة المتضرر إلى الوضع الذي كان عليه قدر الإمكان قبل وقوع الضرر، أو تقديم مقابل عادل عن الخسائر التي لحقت به. يستمد هذا المبدأ قوته من الشريعة الإسلامية الغراء التي تحث على العدل والإنصاف وجبر الضرر، وقد تم تضمينه وتفصيله في مختلف الأنظمة والقوانين السعودية.

*أسس المسؤولية الموجبة للتعويض في النظام السعودي:*

يقوم الحق في التعويض في النظام السعودي على أساس ثبوت المسؤولية على الطرف المتسبب في الضرر. تتنوع أشكال هذه المسؤولية وتشمل:
1. *المسؤولية التقصيرية (غير العقدية):* تنشأ هذه المسؤولية عن فعل ضار يرتكبه شخص بحق آخر دون وجود علاقة عقدية بينهما. وتستند إلى القاعدة الشرعية والقانونية التي تقضي بأنه "لا ضرر ولا ضرار".

وقد تم تنظيم أحكام المسؤولية التقصيرية في *نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/143) وتاريخ 19/8/1445هـ*. المادة (120): تنص على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم فاعله بتعويضه" اضغط الرابط. كما تحدد أركان المسؤولية التقصيرية بثلاثة عناصر أساسية:
الخطأ: وهو إخلال بالتزام قانوني أو واجب من واجبات الحيطة والحذر.
الضرر: وهو الأذى الذي لحق بالمتضرر سواء كان مادياً أو معنوياً.
العلاقة السببية: وهي الرابطة المباشرة بين الخطأ والضرر، بحيث يكون الضرر نتيجة طبيعية للخطأ.
تتناول المواد اللاحقة في الفصل الثالث من نظام المعاملات المدنية تفصيلات أخرى تتعلق بأنواع الخطأ، ومسؤولية التابع عن فعل المتبوع، ومسؤولية حارس الأشياء، ومسؤولية مالك الحيوان، وغيرها من الحالات التي تستوجب التعويض.

2. المسؤولية العقدية:



4. المسؤولية عن فعل الغير:

في بعض الحالات، قد يُسأل شخص عن الضرر الذي أحدثه شخص آخر يكون تحت إشرافه أو رقابته، مثل مسؤولية الأب عن فعل ابنه القاصر، أو مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه. وقد تناول *نظام المعاملات المدنية* هذه الحالات بالتفصيل.

كما نص النظام على أن "يكون المكلف بالرقابة مسؤولاً عن فعل من تجب عليه رقابته إذا كان الفعل الضار قد وقع منه وهو في رقابته، ما لم يثبت أنه قام بما ينبغي من العناية في رقابته، أو أن الضرر كان لا محالة واقعاً ولو قام بهذا الواجب قياماً كاملاً".



أنواع التعويض في النظام السعودي:

يعود تقدير مبلغ التعويض إلى سلطة القاضي المختص، الذي يستند في تقديره إلى عدة معايير، منها: مدى جسامة الضرر: كلما كان الضرر أكبر وأكثر تأثيراً على المتضرر، زاد مبلغ التعويض. ظروف الواقعة: يأخذ القاضي في الاعتبار الظروف المحيطة بالواقعة التي أدت إلى الضرر. خطأ المسؤول: إذا كان خطأ المسؤول جسيماً أو مصحوباً بسوء نية، فقد يزيد مبلغ التعويض.




إجراءات المطالبة بالتعويض في النظام السعودي:

يجب على المتضرر الذي يرغب في الحصول على تعويض اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، والتي تتضمن عادةً ما يلي:
1. *تقديم شكوى أو دعوى قضائية:* يتم تقديم شكوى إلى الجهات المختصة (كالشرطة في الحالات الجنائية) أو رفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة (المحكمة العامة أو المحكمة التجارية أو غيرها حسب طبيعة النزاع).
2. *إثبات الضرر والمسؤولية:* يقع على عاتق المدعي (المتضرر) عبء إثبات وقوع الضرر، وتحديد المسؤول عنه، وإثبات العلاقة السببية بين الخطأ والضرر. ويمكن الاستعانة بالشهود والخبراء والتقارير الطبية وغيرها من الأدلة.
3. *تقدير مبلغ التعويض المطلوب:* يجب على المدعي تحديد مبلغ التعويض الذي يطالب به، مع تقديم الأدلة والمستندات التي تدعم هذا التقدير.
4. *المرافعة والدفاع:* يحضر الطرفان جلسات المحكمة لتقديم حججهما ودفوعهما.
5. *صدور الحكم:* بعد استكمال الإجراءات، تصدر المحكمة حكمها بالتعويض من عدمه، وتحديد مقداره إذا قضت به.
6. *تنفيذ الحكم:* إذا صدر حكم بالتعويض، يتولى المتضرر إجراءات تنفيذه لتحصيل المبلغ المحكوم به.



أهمية نظام التعويض في تحقيق العدالة:

يلعب نظام التعويض دوراً حيوياً في تحقيق العدالة في المجتمع السعودي، حيث يساهم في: جبر الأضرار:* تعويض المتضررين عن الخسائر التي لحقت بهم. ردع المخالفين:* تحميل المسؤولية على المتسببين في الأضرار، مما يساهم في الحد من وقوعها مستقبلاً. استقرار المعاملات:* تعزيز الثقة في النظام القانوني وضمان حقوق الأفراد والمؤسسات. تخفيف الاحتقان الاجتماعي:* توفير آلية قانونية لحل النزاعات وجبر المظالم.

 

التطورات الحديثة في نظام التعويض السعودي:

 

يشهد نظام التعويض في المملكة العربية السعودية تطورات مستمرة تهدف إلى مواكبة المستجدات وتلبية احتياجات المجتمع. ومن أبرز هذه التطورات صدور 

*نظام المعاملات المدنية* الجديد الذي وحد العديد من الأحكام المتعلقة بالمسؤولية والتعويض في إطار قانوني شامل ومتكامل. كما يلاحظ تزايد اهتمام القضاء السعودي بالتعويض عن الأضرار المعنوية، وتقديرها بشكل أكثر عدالة وإنصافاً.

 

خاتمة

يظل التعويض في النظام السعودي مبدأً قانونياً راسخاً يهدف إلى حماية الحقوق وجبر الأضرار. وقد أولت التشريعات السعودية اهتماماً بالغاً بتنظيم أحكام المسؤولية الموجبة للتعويض وأنواعه وإجراءات المطالبة به، وذلك تحقيقاً للعدالة والإنصاف في المجتمع. ومع التطورات المستمرة التي يشهدها النظام القانوني، من المتوقع أن يزداد دور التعويض في حماية الأفراد والمؤسسات وضمان حصولهم على حقوقهم كاملة.

ربط مهم حول دليل الاستثمار في السعودية: أحدث التشريعات والفرص الواعدة لعام 2025/

رابط مهم حول /تجنب الغرامات في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية السعودي

 
Exit mobile version